الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: تونس في خطر

نشر في  06 أوت 2014  (10:50)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


بعد الثورة، كنت من أوّل الذين نبّهوا إلى انتشار الأسلحة وتواطؤ حكومة الترويكا مع تفاقم العنف وهمجيّة لجان «حماية» الثورة وبروز الارهاب..
لكن رغم الانذارات والتحذيرات استمرّت حكومة الترويكا في سياستها العمياء الهادفة الى إركاع الإعلام والتحكّم في مفاصل الدولة واقتسام الغنائم.. واليوم؟
اليوم نحن في منحدر خطير، وتونس مثل القطار الذي تتزايد سرعته نحو الهاوية، والانحدار ينذر بالكارثة ويتعمق.. لقد ورثت حكومة السيد مهدي جمعة تركة ثقيلة ووضعا صعبا وخطيرا على الصعيدين الأمني والاقتصادي، فهل يمكن الآن انقاذ تونس بعد أن ظلّت على امتداد عقود بلدا آمنا ومستقرّا رغم ما كانت ترزح تحته من مظالم وتجاوزات. في تقديري ، لا يمكن  انقاذ تونس إلاّ بحكومة قويّة تتسلّح بإرادة صلبة لكسر شوكة الارهاب.. وما دمنا في هذا السياق لابدّ من الاعتراف بأنّه رغم مجهودات السيد جمعة رئيس الحكومة لم يقع تطهير وزارة الداخلية من كلّ من تساهلوا مع العنف وتواطؤوا معه،  ولا يمكن للسيّد لطفي بن جدو ان يشنّ حربا على الارهاب وفي وزارته قيادات أمنية مشبوه فيها مثلما هو الشأن في الحرس ممّا أدّى إلى تفاقم العنف والارهاب.. والمطلوب من السيد لطفي بن جدّو ان يستقيل لأنّ السياسة التي توخّاها للتصدّي للارهاب لم تكن ناجحة رغم بعض الأرقام الإيجابيّة التي تقدّمها الوزارة، فوزير الداخلية يفتقر إلى الحرفيّة والى إرادة فولاذية لمواجهة مصّاصي الدماء، فبم يفسّر ترك المساجد بأيدي المتطرّفين، وعصابات التهريب والارهاب تنعم بالأمان، وبعض الأنشطة العنيفة تتواصل؟
كيف يمكن قبول الفشل النسبي في وزارة الداخلية التي تركت الأخطار تزداد حدّة ووتيرتها  تتصاعد بينما كان من المفروض أن تكون هذه الوزارة في صلابة الاسمنت المسلّح ولا ترتكز سوى على الأمنيين الجمهوريين الذين وقع تتبّع البعض منهم! فأين الحرب الاستباقية ضدّ الارهابيين وأنصارهم؟ ولولا صرامة السيد مهدي جمعة لبقيت الأمور على حالها!
أمّا على صعيد وزارة الدّفاع فانّ الضرورة تقتضي حمايتها من كلّ التجاذبات السياسية ومنع أيّ مسؤول ذي ميولات حزبية وسوابق في الانقلاب من الانخراط في دواليبها وعدم تدخّل المنصف المرزوقي في شؤونها! وفي سياق متصل، على الحكومة توفير أهمّ التجهيزات العسكرية والتخطيط لكلّ الاحتمالات أو حتى شنّ ضربات استباقية عنيفة وقاصمة على المجموعات الارهابيّة في ليبيا وذلك بعد التنسيق مع الجزائر ومصر.. انّ الأخطار التي تتهدّدنا تفرض على قياداتنا الأمنيّة والعسكريّة اعداد مخطّط شامل وتعاط جديد مع الارهاب وذلك بالقطع  مع وضع الدّفاع وخوض حرب استباقيّة لأنّ الدّفاع بات غير كاف وهو مظهر من مظاهر الضعف.. ثمّ حذار من القانون الجديد لمكافحة الارهاب الذي يأخذ بعين الاعتبار ـ حسب النواب الذين أعدوه في المجلس التأسيسي ـ  حقوق الارهابيين بدعوى أنّها من حقوق الانسان في حين انّ الارهابيين لا يعترفون بأيّ حقّ ويقتلون ويذبحون ويفجّرون ويكفّرون.. ففي أيّ دولة تمنح حقوق لمن أعلنوا حربا ضروسا على الشعب؟ هل فكّر الإرهابيون في حقوق الإنسان قبل ذبح جنودنا الأبرار؟ مسكينة تونس والعار لمن دافعوا عن حقوق الإرهابيين ولم يدافعوا عن حقوق البلاد! وإنّي أطالب بمراجعة هذا القانون من قبل مجلس النواب القادم، مع التذكير بأنّ بعض «النواب» الحاليين اقترحوا عدم تجريم المتاجرة بالسّلاح أو تخزينه! انّها مصيبة وبعض النواب في المجلس مصيبة أكبر!
وكنّا كتبنا مرارا وتكرارا عن المهرّبين الذين لهم علاقات ثابتة مع الارهابيين والأحزاب المتطرّفة والذين ينعمون بالأمن والأمان وبثرواتهم الكبيرة، وسؤالي: هل اهتمّت الحكومة بهذه الآفة التي سمحت لخارقي القانون بإدخال البضائع والأسلحة وحتى الارهابيين الى تونس؟  انّ الواضح هو انّ وزارة الداخلية والديوانة لم تهتمّا بهذا الموضوع بالجدّية الكافية، فالحرب على الارهاب تنطلق أيضا ـ وفي إطار تجفيف المنابع ـ من المهرّبين والجمعيات «الخيرية» وكلّ مصادر التمويل بدءا بعدد من الأكشاك وسيارات الأجرة والمتاجر والهبات الأجنبية!
ولو تواصلت سياسة الحكومة على هذا النسق وبمثل هذه العزيمة المهلهلة نتيجة تأثير أحزاب الترويكا لظلّت تونس غارقة في وضعها الأمني الكارثي ولأصبحنا الجزائر Bis التي قاست الأمرين من الإرهاب الى ان تبرز حكومة لا تخضع للضغوط والاملاءات تقضي تماما على من يتخاذلون مع العنف والارهاب ! كما أن عدم صرامة القضاء ضدّ الإرهاب أمر غريب مضرّ ومهدّد للأمن القومي..